21 نوفمبر 2024 | 19 جمادى الأولى 1446
A+ A- A
الاوقاف الكويت

الشيخ بدر الفيلكاوي: حب الوطن أمر مشروع ومرغوب في ديننا الحنيف

18 فبراير 2019

إن ارتباط الإنسان بموطنه مسألة متأصلة في النفس البشرية، فما من إنسان إلا ويعتز بوطنه؛ لأنه مهد صباه ومدرج خطاه، وموطن آبائه، ومأوى أبنائه، ولقد أقر الإسلام ذلك الشعور بالانتماء للوطن وجعله من مقتضيات الاستخلاف في الأرض وإعمارها، فكل إنسان مستخلف ومطالب بالبناء والاصلاح في مجتمعه على قدر ما حباه الله من علم واستطاعة، ويمكن القيام بذلك الواجب في مجالات شتى.
   حول قضية حب الوطن في حياة المسلم أكد فضيلة الشيخ بدر الفيلكاوي أن حب الوطن أمر مشروع ومرغوب في ديننا الحنيف، فإن الأوطان لها في أعناق أبنائها أمانة ينبغي عليهم أن يحافظوا عليها، والأدلة على حب الوطن في السُنة كثيرة، وأعظم الأمثال في بيان ذلك حين خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة مهاجراً، والتفت إليها معربا عن شعوره الجياش نحوها قائلا: «ما أطيبكِ من بلد، وأحبَّكِ إليَّ، ولولا أن قومي أخرجوني منكِ ما سكنتُ غيركِ» [رواه الترمذي]، وفي رواية: «وَاَللَّهِ إنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إلَى اللَّهِ، وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ» [رواه أحمد وابن ماجه].
  ونحن إذ تمر بنا في هذه الأيام ذكرى تحرير وطننا العزيز، نسأل الله العلي القدير أن يحفظ الكويت ويديم علينا نعمة الأمن والأمان، فإن كل منا يريد أن يعبر عن شعوره بالفرحة بتلك الذكرى العزيزة على قلب كل كويتي، لأن حب الأوطان والحنين لها أمر فطري، وفي هذا الصدد، هناك أمور بوسع الجميع أن يقدمها لوطنه تعبيرا عن امتنانه وحبه له، إذا فعلها كل واحد صار صمام أمان لبلده يحميها من الشرور والأخطار، ويحمي في ذات الوقت بيته وأولاده ومجتمعه الصغير من الهلاك وغضب الله عز وجل.
  أولا: كثرة ذكر الله سبحانه والتوبة والاستغفار، كل إنسان بوسعه أن يكون سببا في حفظ بلاده من الهلاك، فقط إذا كان صالحا توابا أوّابا، يقول ربنا جل وعلا: {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال:٣٣]، والاستغفار هو أنك تقدم اعتذارك إلى الله عز وجل عن كل ذنب أو خطأ، هذا الاعتذار وهذه التوبة هي أول طريق النجاة، بها سوف يحفظك الله عز وجل، ويحفظ بيتك وأهلك، ويحفظ وطنك بفضل وجود هذه الشريحة من المجتمع الحريصة على التوبة والاستغفار. 
  الأمر الثاني ألا يسكت الإنسان على الخطأ، ينبغي عليه ألا يكون سلبيا، وأن يقدم ما يستطيع من نُصح وتذكير، ولو كان في محيطه ودوائره المقربة؛ في بيته، في جامعته، في عمله، بين أرحامه أو جيرانه، ينبغي على كل منا ألا يدخر جهدا في توجيه النصح ومحاولة إصلاح كل خطأ يراه من حوله، هذا هو دوره الاجتماعي الإيجابي الذي ينبغي أن يقدمه لوطنه على قدر استطاعته، شريطة أن يكون ذلك النصح بالحكمة واللين، دون تعالي على الناس ودون تهور وخروج عن النظام العام، يقول ربنا عز وجل: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود:١١٧].
  واليوم - ولله الحمد - سهلت التقنيات الحديثة على الناس كل الأمور، ويسرت الدعوة والنصح ونشر الخير في كل مكان، فإن لم يستطع المرء أن يتكلم مباشرة مع الناس، يمكنه أن يشارك مقطع على مواقع التواصل أو آية أو حديث أو كلمة توجيهية لأحد العلماء، ربما تكون هذه الخطوة البسيطة سببا في تغيير منكر أو إصلاح خطأ.
  لا شك أن الله سبحانه وتعالى سيحفظ الأمة ما دام فيها المصلح والمستغفر، هذه الشريحة هم مفاتيح الخير ومغاليق الشر الذين هم سبب في أن الله تبارك وتعالى يصرف العذاب والهلاك عن الأمة ويقيهم الفتن والشرور.
وأخيرا، ينبغي على كل منا أن يعلم أن حب الوطن يوجب احترام القانون، والإخلاص في العمل، والقيام بمصالح العباد، كلٌ حسب موقعه ومسؤولياته، كما يوجب المحافظة على أمن بلادنا واستقرارها، حب الوطن كذلك يظهر من خلال نشر القيم الإسلامية والأخلاق الفاضلة، ونشر روح التسامح والمحبة والأخوة الإيمانية، ونبذ أسباب الفرقة والخلاف، وأن نقيم شرع الله في واقع حياتنا وسلوكنا ومعاملاتنا، ففيه الضمان لسعادة الدنيا والآخرة.
 

القائمة البريدية

انضم للقائمة البريدية للموقع ليصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظه لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت